للمرة الاولى ينفجر الشارع العراقي بعفوية من غير تعبئة ولا ادلجة ولا تسييس ليقول كلمته ، ويسلك الطريق الصحيح المفضي الى الحرية والكرامة.
لو كانت ثمة ادنى شبهة تفسد تلقائية المتظاهرين ونقاء اهدافهم لصنفتهم الاحزاب الحاكمة في خانات مختلفة ، غير انهم، بنبل الهدف ، وصدق النية، وحسن السلوك ، قطعوا الطريق على كل مغرض !
ربما ستبدأ الدوائر الحزبية بالفعل باعداد طبخة اتهامات تدمغ بها الشباب المنتفض لكن تلك الطبخة ستواجه صعوبا ت كبيرة في تركيبتها وخلطتها ، فالذين انتفضوا هم شباب بعمر الورود ، لم يتأثروا بفكر سياسي ، ولم يحنوا لماض قريب ، ولم تتلوث افكارهم بفكر متطرف ، وليس بينهم من هو محسوب على جهة سياسية ،أو مرتبط بجهات خارجية ، هم خليط من جموع غاضبة يحركها العوز والفقر والبطالة والضياع ، اما ( حزبهم) فهو البحث عن لقمة شريفة يسدون بها الرمق!
اذا سمحت قوى الفساد لنفسها ان تصنف المتظاهرين بين بعثي صدامي ، أوصرخي تحريفي، أو داعشي ا رهابي ، أو غوغائي معادي للديمقراطية فمعنى ذلك انها تنزع عن شعب العراق صفات الشجاعة والنبل ورفض الظلم، وتضفي عليه صفات لاتليق به وبتاريخه ومن بينها القبول بالذل والهوان والسكوت على الفساد والانحراف!
اذا استكثرنا على العراقيين ان يظهر من بين صفوفهم عشرات الالاف من الشباب الحر اليقظ الرافض للمهانة والذل ، المستهجن للفساد ، التواق للعيش الكريم فاننا نسيئ لتاريخ شعب عظيم ، ونرتضي لانفسنا ان نكون بلا كرامة ولا غيرة موقف ولا معتقد ولا دين وحاشا للعراقيين ان يكونوا كذلك!
لو قلبنا التظاهرات من جميع الوجوه فلن نكتشف الا شيئا واحدا وهو ان التغيير قادم لامحالة ، وان البركان سينفجر عاجلا او آجلا ، وان الزلزال سيقلب اعالي الاشياء سافلها، اما ارتداداته فلا احد يتكهن بقوتها