سجل التاريخ على بعض العراقيين انهم مجبولون على البكاء، يبكون ويتباكون على الفواجع لكنهم لايشمرون عن اذرعهم لدرئها ، ينوحون على الضحية و يترددون الف مرة قبل نصرتها ، النواح سهل لايترتب عليه ثمن، اما النجدة فقد تكون مكلفة لايحتمل كلفتها المتخاذلون مهما بلغت !
هؤلاء يجودون بالدمع من غير حدود طالما كان ذلك الدمع يسكب من غير ان تترتب عليه تضحيات لكنهم يترددون في دفع ( الفواتير) حتى لو كانت بالدفع الميسر الآجل!
لنتذكر واقعة الطف وكيف انفض اهل الكوفة عن الامام الحسين عليه السلام وتركوه وحيدا مع اهل بيته وفئة قليلة من انصاره الخلص ، لكن، بعد زمن ليس بالبعيد من تلك الواقعة المفجعة المخجلة والمخلة بجميع بقيم الرجولة قبل ثوابت الدين ، سكب العراقيون على ضحايا عاشوراء من الدمع اضعاف ما سفح من الدم في ذلك اليوم الذي بات يرمز لاشرف ملحمة في التاريخ !
اننا شعب نجيد صناعة القرابين ، ونحسسن البكاءعليها لكن قيمة اي قربان عندنا تتجلى بعد ذبحه ،اما قبل ان ينحر فاننا نظل مشغولين بالاجتهادات والتقولات ،فالكثير منا قد جبلوا على السخاء بالدمع لكنهم بخلاء بالدم !
ليس في المعادلة سر يحتاج الى ان نفك طلسمه ، فبالدمع نغتسل ونتطهر من الذنوب ، اما الدم فهو قربان يمسح تلك الذنوب ، الدمع وفير ورخيص والدم باهض الكلفة ، الدم ترجمة للندم ، وتعبير عن الشعور بالاثم ، والدم تعميد للموقف واشهار للمبدأ، وثبات على المعتقد ، والفارق بين الاثنين شاسع وعميق وكبير!
تاريخ العراق الذي طغت فيه الصفحات الحمراء على ماسواها راح يلفظ اسخياء الدمع ويفضحهم ويثيب ان الدمع الذي لم يصطبع بلون الدم هو دمع كاذب وزائف!
لسنا بحاجة الى البكائين في هذه اللحظة من تاريخنا بقدر حاجتنا الى المضحين الثابتين ، البكاؤون ينوحون على الاطلال والفواجع اما المضحون فهم وحدهم من يغيرون وجه الزمن، ويشرعون قوانين تتحكم بحركة التاريخ ، فيكونون بوصلة للقادم من الايام ، وليس سمفونية عزاء للغابرات منها
ليس بعيدا ذلك اليوم الذي يطرد فيه اسخياء الدم اسخياء الدمع مادامت المآتم تذكرنا بالغدر ، والفواجع تستفز ضمائرنا ، والجراحات امضى من ان تشفيها المواساة !
للمرة الاولى ينفجر الشارع العراقي بعفوية من غير تعبئة ولا ادلجة ولا تسييس ليقول كلمته ، ويسلك الطريق الصحيح المفضي الى... لاغوغاء ولا دهماء …أحرار يرفضون المهانة!,, د.حميد عبدالله Read more
لا فرقَ عند الله بين سلطان جائر يقتل الأئمة وآخر فاسد يأكل أموال المساكين وأبناء السبيل! لا فرق بين مصلحين كبار يكظمون... نكظم الغيظ مثلكم يا راهب بني هاشم! ,, د.حميد عبدالله Read more
يَطغى الحاكم حين يزين له أزلامه درب الطغيان، وحين يجسّ نبض الرعيّة فيجد فيها خنوعا أو استعدادا لذلك!. لا يولد... الطاغية والكاهن والسمسار! ,,د . حميد عبد الله Read more
تعليقات 3
كمال
بتاريخ أغسطس 16, 2020 - 12:41 م
كلامك دكتور حميد يتوافق مع ماكتبه المرحوم الدكتور علي الوردي قبل أكثر خمسين سنة اواكثر في احد كتبه، لو نهض الامام الحسين عليه السلام من قبره ونادى على أحد هولاء ممن ينحون ويبكون ويلطمون ان ينجده في واقعة الطف التي أعيدت ويعرض عليه سيفا ودرعا، هذا الذي يتباكى على الامام سوف لايخذله فقط، بل سوف يطلق رجليه للريح ويسرق السيف والدرع!!
كريم الجنابي
بتاريخ أغسطس 16, 2020 - 1:34 م
لقد خسر العراق فرص للبناء والقوة حينما كان هناك صراع بين الاتحاد السوفيتي والغرب حيث كان السياسيون يتصارعون من اجل السلطة ولم يكونوا رجال دولة بمعنى الكلمة ، نعم هناك رغبات ومبادرات للبناء حدثت في عهدي عبد الكريم قاسم واحمد حسن البكر ولكن على العموم الكل لم يكن موفق في بناء الانسان العراقي قبل الدفاع عن السلطة لان الانسان هو العماد الاساس في بناء المجتمع والدولة لذلك فشلت الدولة العراقية الحديثة بناء نفسها ثم فقد العراق الفرصة الثانية في بناء الدولة بعد 2003 لان من تصدى للسلطة كانوا مجاميع من الرجعيين و المتخلفين والعملاء والانفصاليين اضافة الى ظروف دولية اخرى وربما كان العبادي لديه الرغبة والمبادرة لبناء الدولة او على الاقل الحفاظ على مكتسبات العهود الماضية ولكنه لم يوفق بسبب وحوش السلطة من حوله لذلك يمكن القول ان ظاهرة البكائين في العراق ستستمر طالما ليس هناك رجال دولة اكفاء.
كلام فيه حكمه كبيره وفيه سهو عن رجال ضحوا بالدم عندما غزى خوارج العصر مدنا ليست لهم ولكنهم جائوا لينصروا من يشهد الشهادتين وهم بعيدون عنهم وبذلوا كثيرا من الدماء لنصرتهم ولقد انتصروا فارجوا يادكتور عدم نسيان دماءهم
كلامك دكتور حميد يتوافق مع ماكتبه المرحوم الدكتور علي الوردي قبل أكثر خمسين سنة اواكثر في احد كتبه، لو نهض الامام الحسين عليه السلام من قبره ونادى على أحد هولاء ممن ينحون ويبكون ويلطمون ان ينجده في واقعة الطف التي أعيدت ويعرض عليه سيفا ودرعا، هذا الذي يتباكى على الامام سوف لايخذله فقط، بل سوف يطلق رجليه للريح ويسرق السيف والدرع!!
لقد خسر العراق فرص للبناء والقوة حينما كان هناك صراع بين الاتحاد السوفيتي والغرب حيث كان السياسيون يتصارعون من اجل السلطة ولم يكونوا رجال دولة بمعنى الكلمة ، نعم هناك رغبات ومبادرات للبناء حدثت في عهدي عبد الكريم قاسم واحمد حسن البكر ولكن على العموم الكل لم يكن موفق في بناء الانسان العراقي قبل الدفاع عن السلطة لان الانسان هو العماد الاساس في بناء المجتمع والدولة لذلك فشلت الدولة العراقية الحديثة بناء نفسها ثم فقد العراق الفرصة الثانية في بناء الدولة بعد 2003 لان من تصدى للسلطة كانوا مجاميع من الرجعيين و المتخلفين والعملاء والانفصاليين اضافة الى ظروف دولية اخرى وربما كان العبادي لديه الرغبة والمبادرة لبناء الدولة او على الاقل الحفاظ على مكتسبات العهود الماضية ولكنه لم يوفق بسبب وحوش السلطة من حوله لذلك يمكن القول ان ظاهرة البكائين في العراق ستستمر طالما ليس هناك رجال دولة اكفاء.
كلام فيه حكمه كبيره وفيه سهو عن رجال ضحوا بالدم عندما غزى خوارج العصر مدنا ليست لهم ولكنهم جائوا لينصروا من يشهد الشهادتين وهم بعيدون عنهم وبذلوا كثيرا من الدماء لنصرتهم ولقد انتصروا فارجوا يادكتور عدم نسيان دماءهم