لا فرقَ عند الله بين سلطان جائر يقتل الأئمة وآخر فاسد يأكل أموال المساكين وأبناء السبيل!
لا فرق بين مصلحين كبار يكظمون الغيظ ليصنعوا الثورات العظيمة ضد الجبابرة والطغاة وبين جمهور يرى خزائن بلاده تنهب على أيدي الأفّاكين واللصوص والدجالين، وأبناؤه يجوعون ويعرون وهو أعجز من أن يغير أو يثور!
في كل زمان يُبعث أبو ذر ويعود آل أمية وإنْ بلباس مختلف!
كان الإمام الكاظم عليه السلام يردد (رحم الله أبا ذر، فلقد كان يقول: جَزى الله الدنيا عني مَذمّة بعد رغيفين من الشعير، أتغذّى بأحدهما، وأتعشّى بالآخر، وبعد شملتي الصوف ائتزرُ بأحدهما وأتَردّى بالأخرى).
من دخلوا إلى بيت الإمام الكاظم لم يجدوا فيه شيئاً سوى خصفة، وسيف مُعلَّق، ومصحَف!
عُرف عن أبي الجوادين أنه يكظم الغيظ ويقابل الإساءة بالإحسان، لا مكان لنزعة الثأر والكراهية في نفسه!
أوصى أبناءه ذات يوم قائلاً (يَا بني، أوصيكم بوصية مَن حَفظَها انتَفَع بها، إذا أتاكم آتٍ، فأسمع أحدَكم في الأذن اليُمنى مَكروهاً، ثم تَحوَّل إلى اليسرى فاعتذَرَ لَكم وقال: إِني لم أَقُلْ شيئاً، فَاقبلُوا عُذرَه).
أيها الكاظم للغيظ العاف عن الناس، نشكوك ممن انتحلوا اسمك، وركبوا صهوتك، وأمسكوا صولجانك، وزعموا أنهم من سلالتك، وهم، والله، أبعد عنك بعد الثرى عن الثريا!
يا راهب الهاشميين وقتيل الجبابرة والمتسلطين.. لقد كظمنا الغيظ حتى لم يبقَ في القوس من منزع، وبعض ممن يدّعون الانتساب إليك والسير على نهجك، الذين جارت علينا الأقدار فجعلت منهم ولاة لأمرنا، ورعاة لنا نحن الذين نستحضر خصالكم أيها الأطهار ونلهج بأسمائكم.. والله إنهم لا يرعوون ولا يخجلون!
يا كاظم الغيظ، والله لو بُعثت اليوم لرأيت العجب العجاب في بغداد، ولقلت لمن يزعمون حبك كذباً وزيفاً إنكم أكثر عداءً لي ممن غيبوني في غياهب السجن ثم دسوا لي السم!
والله يا ابن الهواشم إنهم يذيقوننا في كل يوم سماً زعافاً لا يقل ٨قساوة عن السم الذي سقاك إياه جلاوزة بني العباس!
المشتكى لله ولكم آل بيت النبوة.
السلام عليكم