يَطغى الحاكم حين يزين له أزلامه درب الطغيان، وحين يجسّ نبض الرعيّة فيجد فيها خنوعا أو استعدادا لذلك!.
لا يولد الطاغية وهو متلبس بالطغيان، والظلم، والجبروت، لكن ثمة كهنة يقرأون له التمائم، والتعويذات،والأدعية، ليجعلوا منه إلهاً يتضرعون إليه بطلب الرزق، والمغفرة، والصفح!.
ما من حاكم إلا ويتمنى أن يكون الواحد الأوحد الذي لاينازعه شريك في حكمه، وما من مستبد إلا وله مريدون، يُصورون استبداده رحمة، وجبروته رأفة، وظلمة عدلا وانصافا، وهؤلاء موجودون في كل زمان ومكان!.
مهمة الكهنة أن يمارسوا التنويم، ويغيبوا الوعي لدى العامة من الناس، ويحولوهم الى قطعان تصفق على ايحاءات وايقاعات تصنعها أوركسترا الحاكم، وعندنا المثال واضح، والتجربة ساطعة، حيث يحشد الكهنة جموعا من مغيبي الوعي، ويحركونهم عن بعد بـ(ريمونت) الدين، والطائفة والعشيرة، والمقدس الذي يظل اولئك المغيبون أسرى داخل شرنقته التي تلتف عليهم كلما حاولوا ان يجدوا منفذا للخروج منها!.
تكتمل الحلقة بوجود سماسرة يقربون الناس من الكهنة، ويرسمون هالة من القداسة لهم، ومن يطعن بقداستهم يدخل في خانة الزندقة والمروق!.
ألد اعداء الطاغية وكهنته وسماسرته هو الوعي الذي يخلق الصحوة عند الفقراء والمعوزين، وأمضى سلاح يقضّ مضاجع المستبدين هو ان نوقظ المغيبين والمنومين بأكاذيب وقداسات لاوجود لها إلا في رؤوس الكهنة وسماسرتهم!.
بأسواط العوز والحاجة والفاقة تصحو جموع الفقراء والمخدوعين والمعوزين!. لن يسقط الطغاة قبل ان يسقط كهنتهم، ولن يتم التخلص من اؤلئك إلا بكنس سماسرتهم..
هكذا هي دورة الطغيان!.
يقول كارل ماركس (الفقر لايصنع الثورة انما وعي الفقير هو الذي يصنع الثورة، والطاغية مهمته ان يجعلك فقيرا، وكاهن الطاغية أن يجعل وعيك غائبا)!.
ربما لم يكن دور السماسرة واضحا في زمن كارل ماركس، ولو قدر له ان يعيد صياغة مقولته أو يعيد انتاجها من جديد لجعل السماسرة حجر الزاوية في ديالكتيك العلاقة بين الطغاة وشعوبهم!.
تبا للطغاة، سحقا للكهنة، ازدراءً للسماسرة ومن على شاكلتهم في هذا الزمان وفي غابرالعهود والازمان!.
السلام عليكم..